كيف نصلح ماضينا ؟

قد يستغرب البعض هدا السؤال , لان الملائكة سجلوا علينا كل صغيرة وكبيرة عما عملناه في الماضي فكيف نصلح ذلك؟ نحن نملك اصلاح الحاضر الذي نعيش فيه وان كان في اعمارنا قد نصلح المستقبل لكن بالنسبة للماضي فكيف ؟ نعم يمكن اصلاح الماضى يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الفرقان:

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63) وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا (65) إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (66) وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)

تتضمن هذه الآيات الكريمة بعض صفات عباد الرحمان وبعض الكبائر, يقول الشيخ السعدي في تفسيره (ونص تعالى على هذه -الكبائر- الثلاثة لأنها من أكبر الكبائر: فالشرك فيه فساد الأديان، والقتل فيه فساد الأبدان والزنا فيه فساد الأعراض.

إِلا مَنْ تَابَ عن هذه المعاصي وغيرها بأن أقلع عنها في الحال وندم على ما مضى له من فعلها وعزم عزما جازما أن لا يعود، {وَآمَنَ} بالله إيمانا صحيحا يقتضي ترك المعاصي وفعل الطاعات {وَعَمِلَ عَمَلا صَالِحًا} مما أمر به الشارع إذا قصد به وجه الله.

{فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي: تتبدل أفعالهم وأقوالهم التي كانت مستعدة لعمل السيئات تتبدل حسنات، فيتبدل شركهم إيمانا ومعصيتهم طاعة وتتبدل نفس السيئات التي عملوها ثم أحدثوا عن كل ذنب منها توبة وإنابة وطاعة تبدل حسنات كما هو ظاهر الآية.) انتهى كلام السعدى.

لذلك يتضح بان التوبة النصوح هي ما نصلح به الماضي و نصلح به احوالنا حاضرا ومستقبلا. والتوبة النصوح كما وصفها ابن مسعود هي( ان يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود اليه ابدا) واذا كنا نحس باثقال الذنوب التي اقترفناها فيما مضى من حياتنا عشرون سنة, ثلاثون سنة, اربعون سنة ... فما زلنا نملك حل الاصلاح ما دمنا في الحياة لان التوبة تقبل من العبد ما لم يغرغر . لكن علينا ان نسارع الى التوبة فخير البر عاجله ولا نملك المستقبل لانه غيب في علم الله تعالى.

نحمد الله تعالى على نعمه التي لاتعد ولا تحصى وعلى نعمة التوبة التي دعانا اليها لعلاج انفسنا من الذنوب والمعاصي :

( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )سورة التحريم الآية8

ومما قد نشعر به عندما نعود الى الله ونستغفره من ذنوبنا ونؤدي الحقوق لاصحابها ونحافظ على ذلك اخلاصا لله تعالى عودة الطمأنينة الى قلوبنا لدنونا من رحمة الله الذي وعدنا بتكفير السيئات ودخول الجنان.اللهم ارزقنا قبل الموت توبة نصوحا واجعلنا من اصحاب الجنة